النسيج اليدوي في مدينة أخميم عبر التاريخ | Crafftiz

النسيج اليدوي في مدينة أخميم عبر التاريخ

مقال: فريق كرافتز التحريري adminuser • October 7, 2025

النسيج اليدوي في مدينة أخميم عبر التاريخ - Featured Image
تُعد مدينة أخميم، الواقعة على الضفة الشرقية لنهر النيل في محافظة سوهاج، واحدة من أقدم مراكز صناعة النسيج في العالم.
فعلى مدى آلاف السنين، اشتهرت أخميم بمهارة حرفييها في فن النسيج اليدوي، حيث امتزجت فيها الروح الفرعونية، الفن القبطي، والزخارف الإسلامية في نسيجٍ متواصلٍ من التاريخ والحضارة.
إن منسوجات أخميم ليست مجرد منتجات قماشية، بل هي خيوط من التراث تربط الحاضر بالماضي العريق لمصر القديمة.
أخميم في العصر الفرعوني: مدينة النسّاجين
عرفت مدينة أخميم في العصور الفرعونية باسم إبو (Ipu)، وكانت مركزًا دينيًا وثقافيًا هامًا مكرسًا لعبادة الإله مين، إله الخصوبة.
واشتهرت أخميم بإنتاج الكتان الفاخر الذي كان يُستخدم في:
• الملابس الملكية والاحتفالية
• ملابس الكهنة والطقوس الدينية
• تحنيط الملوك والنبلاء، حيث كان كتان أخميم الفاخر يُستخدم في لف المومياوات
كشفت النقوش والوثائق الأثرية أن كتان أخميم كان مطلوبًا بشدة في مصر وخارجها، وكان يُعد من أرقى الأقمشة. وكان نسيج أخميم يتميز بدقته ونعومته، لدرجة أن بعض القطع كانت شبه شفافة، وهو ما يعكس مكانته الرفيعة ورمزيته للطهارة والرفاهية.
العصر القبطي: ازدهار فني جديد
في الفترة القبطية (من القرن الرابع إلى السابع الميلادي)، أصبحت أخميم مركزًا رئيسيًا لـ فن النسيج القبطي.
قام الحرفيون المحليون بدمج تقنيات النسيج التقليدية مع أساليب التابستري (النسيج المزخرف)، مما أنتج منسوجات تتميز بجمال فني فريد.
من خصائص النسيج القبطي في أخميم:
• زخارف ملونة من الصوف منسوجة على خلفيات من الكتان
• تصاميم تصويرية تمثل الحياة اليومية، والرموز المسيحية، والحيوانات، والأشكال الهندسية
• استخدام ألوان غنية مثل الأحمر والأرجواني والأخضر والأزرق
كثير من هذه المنسوجات محفوظة اليوم في أشهر المتاحف العالمية مثل اللوفر، والمتحف البريطاني، ومتحف المتروبوليتان، مما يدل على انتشار وتأثير فنون أخميم عالميًا.
العصر الإسلامي والعثماني: استمرارية وتطور
مع دخول الإسلام إلى مصر، ازدهرت حرفة النسيج في أخميم بأساليب جديدة تعكس الذوق الإسلامي.
بدأ الحرفيون في استخدام الزخارف النباتية والخطية والعربية، ونسجها على أقمشة من الكتان والقطن للاستخدام في الملابس والمنازل والمساجد.
وفي العصر العثماني، استمرت الحرفة في الازدهار من خلال الورش العائلية التي توارثت تقنيات النسيج جيلًا بعد جيل.
واشتهرت المدينة بـ:
• خيوط القطن المغزول يدويًا
• الحواف المزخرفة بدقة
• الكتابات والنقوش العربية المنسوجة داخل القماش
خلال هذه الفترات، حافظت أخميم على مكانتها كمركز وطني لفن النسيج اليدوي، مع إضافة طبقات جديدة من الزخرفة والثقافة.
أخميم اليوم: تراث حي وحرفيات مبدعات
حتى يومنا هذا، لا تزال أخميم تُعد من أهم مراكز النسيج اليدوي في مصر، وخاصة من خلال التعاونيات النسائية ومبادرات الحفاظ على التراث.
تنتج الورش والحرفيات في أخميم حاليًا:
• أقمشة قطنية وكتانية منسوجة يدويًا للملابس والمفروشات
• أوشحة ولوحات نسيجية تمزج بين الرموز التاريخية والتصاميم الحديثة
• منسوجات مستوحاة من الفن القبطي، تعيد إحياء الزخارف القديمة
كثير من الحرفيات تعلمن هذه المهنة من أمهاتهن وجداتهن، في سلسلة متصلة من نقل المعرفة والحرفة عبر الأجيال.
كما تحظى منتجات أخميم باهتمام متزايد ضمن برامج السياحة الثقافية والتجارة العاالمية، مما يساهم في دعم المجتمعات المحلية والحفاظ على التراث غير المادي.
الاعتراف العالمي والأهمية الثقافية
تُعتبر منسوجات أخميم اليوم مثالًا حيًا على التراث الثقافي غير المادي في مصر، إذ تجمع بين:
• إتقان تقني عريق في فنون النسيج.
• استمرارية ثقافية تمتد من العصور الفرعونية والقبطية إلى الإسلامية والعصر الحديث.
• تمكين اقتصادي للمجتمعات المحلية، وخاصة النساء.
• مكانة عالمية، إذ تعرض منسوجات أخميم في أشهر المتاحف والمعارض الدولية.
زيارة أخميم اليوم تشبه زيارة متحف حي، حيث لا تزال الأنوال التقليدية تصدح بصوت التاريخ.
الأسئلة الشائعة
ما الذي يميز منسوجات أخميم؟
تميزها المزج الفريد بين التقنيات القديمة والزخارف الفرعونية والقبطية والإسلامية، مما يجعلها قطعًا فنية ذات طابع خاص.
هل لا تزال الحرفة مزدهرة في أخميم اليوم؟
نعم، ما زالت العديد من الورش والجمعيات، خصوصًا النسائية، تمارس فن النسيج اليدوي بنفس المهارة والدقة.
أين يمكن رؤية منسوجات أخميم التاريخية؟
تُعرض العديد من القطع القبطية الأصلية من أخميم في متاحف عالمية مثل اللوفر والمتحف البريطاني ومتحف المتروبوليتان.
ما أهمية هذه الحرفة؟
تمثل الحرفة تراثًا ثقافيًا وفنيًا واقتصاديًا مستمرًا منذ آلاف السنين، وتدعم المجتمعات الريفية المصرية.
الخلاصة
من أنوال المصريين القدماء إلى ورش الحرفيات المعاصرات، تروي حرفة النسيج في أخميم قصة إبداعٍ واستمراريةٍ ثقافيةٍ تمتد لآلاف السنين.
لقد نسجت هذه المدينة هويتها في نسيج التاريخ، لتصبح واحدة من أهم مراكز النسيج اليدوي في العالم.
👉 اكتشف الحرف اليدوية من مختلف أنحاء العالم على Crafftiz.com وشارك في إحياء التراث الإنساني.